كيف تصنع النحلة العسل:
ففى صحوة أحد الايام المشرقة وفى الصباح الباكر يشاهد النحل على الأزهار يتجول فى الحقول وينتقل من مكان لآخر بل من زهرة لأخرى إنه لم يخرج للتنزه ولا للفسحة وإنما خرجت الشغالات لكى تحصل على غذائها حيث تقوم بإمتصاص الرحيق بواسطة خرطومها المهيئ لهذا العمل ... وتخزنه النحلة فى حوصلة العسل الخاصة بذلك وهى تشبه إلى حد كبير كيسا من البلاستيك له صماما واحدا بإتجاه واحد ((كصمام القلب)) وفى هذا الكيس يتم التحول الأول للرحيق وذلك لأنه يوجد فى الكيس مجموعة من الخمائر أو الأنزيمات والعصارات التى تحول السكر الثنائى الى سكر أحادى ووجد أنه لكى تحصل النحلة على مائة جرام من العسل فعلى النحلة أن تزور مليون زهرة وعند امتلاء معدة النحلة ((كيس العسل)) تعود طائرة إلى خليتها وتستطيع النحلة أن تطير بسرعة 65 ك.م/ساعة أى فى سرعة القطار وحتى ولو كان الحمل الذى تنوء به يعادل ثلاثة ارباع وزنها فإنها تستطيع ان تطير بسرعة 30كم/ساعة وفى عملية حسابية وجد ان الكيلو جرام من العسل يكلف النحلة 120000-150000 حمل من الرحيق . فلو فرضنا أن الزهور التى تجنى منها النحلة الرحيق تقع على بعد 1.5 ك.م (كيلو ونصف ) من الخلية فعلى النحلة الواحدة أن تطير ثلاثة كيلو مترات فى كل رحلة أى ما يعادل 360.000-400.000 ك.م وهو ما يعادل 8.5-11 مرة محيط الارض حول خط الأستواء وأثناء عودة الشغالات ((شغالة الحقل)) محملة بالرحيق يتحلل معظم سكريات الرحيق الثنائية كالسكروز إلى سكريات أحادية جلوكوز وفركتوز وذلك بفعل انزيم الأنفرتيز التى تفرزه الغدد اللعابية للنحلة – وتتم عملية التحلل هذه فى حوصلة شغالة الخلية – بعد نقل الرحيق اليها كما يتم تبخير نسبة كبيرة من ماء الرحيق أثناء هذه الرحلة.
وتدخل الشغالة الخلية من باب النحل حيث تمر على الحراس الذين يحرسونها من النحل الغريب والحشرات الأخرى وفى الخلية فإن الشغالات السارحة يتقابلن مع شغالات أخرى ((الشغالة المنزلية)) التى تتلقى منها الرحيق ليبقى بعض الوقت فى معدتها الخاصة للعسل حيث تستمر عملية التغيير التى بدأت فى معدة النحلة الحاملة له – وتقوم النحلة المستقبلة بعملية جديدة إذ تدفع بفكيها جانبا ثم تبرز خرطومها إلى الأمام بإنخفاض إلى أسفل فتظهر على حافته قطرة من الرحيق ثم ترسل بقطرة الرحيق إلى معدة العسل وتطوى الخرطوم.
وتتكرر عملية طرد الرحيق ثم إبتلاعه بين 120-240 مرة بعدها تبحث النحلة عن عين سداسية خالية تطرح فيها قطرة الرحيق ، ومن هنا تبدأ مجموعة أخرى من النحل فى العمل على تلك النقطة من الرحيق حتى تحولها فى النهاية إلى عسل.
فإذا كانت النحلة المستقبلة مشغولة فإن النحلة الحاملة تطرح حملها وهو قطرة الرحيق على الحائط العلوى للعين... وهذه النقطة مهمة جدا من الناحية العملية لأن القطرات المعلقة بالحائط يتسع سطحها المعرض للتبخر فيساعد ذلك على التخلص من بخار الماء من الرحيق ثم تأتى بعد ذلك عملية الترويح التى تقوم بها النحلة بأجنحتها (( والتى قد تصل إلى 2600 ذبذبة فى الدقيقة فيسرى بذلك تيارا جديدا من الهواء فى الخلية وتستمر هذه العملية إلى أن تصل نسبة الرطوبة من 18- 20% وبهذا يكون تحول الرحيق إلى عسل وتم تركيزه وحينما تمتلئ الغرف بالعسل يقوم النحل بإحكام غلقها بغطاء شمعى وبهذه الطريقة يتم الحصول على عسل ناضج ومختوم.
ويعتبر أفضل أنواع العسل من حيث القيمة الغذائية والطعم وأعلاها سعرا أيضا هو العسل الموجود داخل قرص العسل ، حيث أنه يعد محفوظا فى عبوته الطبيعية.
الخواص الطبيعية للعسل
إن من أهم مميزات العسل قدرته على الاحتفاظ بكل صفاته الطبيعية لمئات السنين إذا حفظ بطريقة صحيحة ومن أهم الخواص الطبيعية للعسل
-الحموضة:
درجة حموضة العسل تتراوح مابين (3.29-4.87 ) لكنه يعتبر مبدئيا طعاما قلويا إذ أن حموضة الطعام أو قلويته تتوقف على النوع السائد من المواد المعدنية التى توجد فيه ,فيعتبر العسل كامن القلوية لما تحتويه من عناصر معدنية
-اللون:
يكون اللون الأصلى فى العسل ناتجا عن ملونات ذائبة فى الماء من أصل نباتى مفرزة فى الرحيق وهى عبارة عن مستخلصات الكلوروفيل والكاروتين والزانثوفيل ,ويتوقف وجودها على نوع النبات والظروف الجوية .........الخ.
ويتوقف كذلك لون العسل على مصدره:ففى مصر يميل عسل الموالح إلى اللون الأبيض المائى ..بينما يميل عسل البرسيم إلى اللون العنبرى الفاتح وعسل القطن يميل إلى اللون العنبرى الغامق بالإضافة إلى أن درجة اللون تختلف على حسب تخزينه فى أقراص شمعية جديدة يكون العسل الناتج فاتح ......وعند استخدام أقراص شمعية قديمة يكون لون العسل الناتج غامق.
-الرائحة:
كما هو الحال فى لون العسل تتباين رائحته كثيرا بين أنواع العسل المختلفة وذلك حسب الإفرازات العطرية التى تميز الرحيق الذى جمعته الشغالات منذ البداية .ويسود فى كل صنف من أصناف العسل رائحة خاصة يحددها الأصل النباتى المجموع منه الرحيق أو الذى يمثل النسبة الأكبر فى مجموع الرحيق المجموع فعسل الموالح مثلا يتميز بطعم ورائحة زكية لوجود مادة "(أنثرانيليت الميثايل) وتكون الأعسال الداكنة أقوى طعما من الأعسال الفاتحة بصفة عامة والأعسال المخزونة، وتتطاير الرائحة سريعا عند تسخين العسل.
-الطعم:
طعم العسل سكرى جدا بطبيعية الحال ولكل صنف من أصنافه نكهة خاصة تعطيه الميزات العطرية للزهرة فعسل البرسيم الحلو مثلا له طعم شهى ويعتبر من أحسن أنواع العسل وكذلك وعسل الموالح ....بينما يوجد من العسل الطعم غير المستساغ خاصة الأعسال ذات القيمة الطبية مثل الكزبرة والشيح.
-الحلاوة:
تعتبر حلاوة العسل 75% من حلاوة سكر القصب أى أن حلاوة 1.30ك جم من العسل تساوى حلاوة الكيلو جرام من سكر القصب ولكن القيمة الحرارية للعسل عالية جدا فالكيلو جرام من العسل يحتوى على 3150-3350سعر حرارى.
-اللزوجة:
تزداد لزوجة العسل كلما زاد تركيزه أى كلما قلت نسبة الرطوبة فيه وتكون لزوجة العسل البارد كبيرة عادة حتى لا يمكن ترشيحه خلال قماش الجبن أو السلك الشبكى الدقيق ويسهل تصفيته عند تسخينه إلى 46مº .
وبعض أنواع العسل تكون جيلاتينية القوام بدون وجود بلورات فيها وترجع هذه الصفة إلى وجود مواد بروتينية فيكون قوامها متماسكا.
-الرطوبة:
يعتبر العسل شره جدا للرطوبة والعسل السليم هو الذى لا تزيد نسبة الرطوبة فيه من 18-20%.
التحبب:
من المعروف أن كل أنواع العسل لابد وأن تتحبب فى وقت ما فبعضها قد يتحبب بمجرد انتاجة- بينما البعض قد يستمر سائلا بضعة شهور أو سنوات والتحبب يعتبر خاصية طبيعية ومميزة للأعسال بصفة عامة.
وقد وجد أن سرعة التحبب تتوقف على نسبة الجلوكوز إلى الماء فكلما زادت هذه النسبة عن 2 زادت سرعة التحبب وحيث أن الماء فى العسل الناضج 18% فإنه يبدأ فى التجمد إذا زادت نسبة الجلوكوز فيه عن 36% وتزداد سرعة التجمد بهذه النسبة ولكن تقل سرعة التجمد بنقص مقدار سكر الجلوكوز عن هذه النسبة وتتوقف نسبة الجلوكوز وغيره من المكونات الأخرى على نوع النبات الذى يجمع منه الرحيق فقد لوحظ مثلا أن عسل البرسيم الحجازى يتبلور بسرعة وكذلك عسل القطن ولكن عسل البرسيم العادى يتبلور بسرعة أقل وكذلك عسل السدر وعسل الصفصاف.
ويلاحظ أنه لا يحدث تحبب للعسل السائل على درجة حرارة أعلى من 25مº وأنسب درجة للتحبب (10- 18درجة مئوية )
ومما يساعد على سرعة تحبب العسل احتواؤه على فقاعات هوائية أو جزيئات صلبة , او اذا لم يتم تصفيته جيدا.
الضوء:
يؤثر الضوء تأثيرا بالغا فى العسل حيث يفقده المادة الموجودة فيه والمانعة لتشكيل الكوليستيرول .
لذلك ينصح بحفظ العسل والتعبئة فى أوانى معتمة وكما يقول العلامة "وولد" فإن الضوء يحلل المادة القاتلة للجراثيم والتى يحتوى عليها العسل.
الحرارة:
يمكن تخزين العسل دون خوف عند درجة حرارة 15-25مº وإذا تعرض العسل لدرجة حرارة أعلى من ذلك فهناك خطر كبير من تحلل الفيتامينات وفقد ما به من انزيمات.
كذلك يحتوى العسل على مضادات حيوية رائعة مثل "الأنترفيرون" الموجود فى كرات الدم البيضاء وهى مضادة للفيروسات وبذلك يعتبر العسل هو الدواء الوحيد فى العالم الذى يحتوى على مادة الوقائية الربانية كما ثبت كذلك أن العسل يحتوى على مادة "انهبين" التى لها خاصية قاتلة للميكروبات والفطريات ومنع نمو الجراثيم ومقاومة العفونة .
وتأكد كذلك أن العسل يحتوى على الماء الأوكسيجينى المعروف بتأثيره القاتل للجراثيم كما سنوردها فيما بعد فى حينه .
وتأكد كذلك استخدام العسل فى أحدث المجالات الطبية وهى حفظ الأنسجة والأعضاء الحية لمدة طويلة "كما سنورد فيما بعد "
وبعد ...
هل يمكنك أن تتخيل معى أيها القارئ الكريم ...كيف أن ملعقة واحدة من العسل تحتوى على كل هذا ...أى غذاء ؟ أى دواء ؟ أنه هذا الشراب المبارك الذى شرف الله النحل إذ أوحى إليها لتجمعه ثم شرفها حين صنعته فى بطون النحل إرادته الحكيمة ثم زاده شرفا بذكره فى القرآن الكريم ....
" يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون " صدق الله العظيم
